نقدم اليوم لمحة من حياة الموسيقار الايطالى جواكينو
روسينى ابو الاوبرا الايطالية واشهر من انجبتهم ايطاليا فى
القرن الثامن عشر
ولد روسينى فى مدينة بيسارو عام 1792 لاب هو جوسيبى
انطونيو روسينى الذى قدم من لوجا الى بيسارو لاسباب
غير معلومه وكان الاب عازف بارع على الترومبيت والكور
وسمى لذلك بواق المدينة ولقب ب( فيفازا) اى النشيط او
المتحمس اما امه انا جويدارينى (نينا) فكانت ابنة خباز
من بيسارو اشتهرت بصوتها الجميل وكانت تغنى فى الحفلات
العامة والاعياد والكنائس وقد ولد جواكينو بعد خمسة اشهر
من زواج والدية مما جعل العامة يتندرون بذلك لفترة طويلة
ارسله والدة الى مدرسة الفرنسسيكان للتعلم ولكنه اضطر
لانهاء دراستة بعدما فصل من عملة نتيجة تأيدة للنظام
الجمهورى ودفاعة عن نابليون بونابرت والثورة
الفرنسيةفارسله ابوة الى دكان حرفى اسمه جيوليتى ليتعلم
صناعة المفاتيح والاقفال الا ان الطفل كان له ميول اخرى فى
تعلم الكلافسان والكمان والنوت الموسيقية وذلك بتشجيع
عانس كبير هى اديلاد بوسيو لذلك وجد الاب حلا ملائما له وهو
ان يجعلة مغنيا بالفرقة العسكرية التى كان يعمل بها
براتب 30 قطعة نقدية وذلك عام 1798 الا ان سافر الوالد
وامه ومعهم ابنهم جواكينو الى احد مسارح بولونيا للعمل
لديها الا ان نتيجة ارائة السياسية والمؤيدة لنابليون ادت
به الى السجن عام 1799 مما ادى لرجوعهم مرة ثانية الى
بيسارو ولم يخرج الاب من السجن الا بعد اخضاع الامارات
الايطالية بواسطة نابليون وقام بعدها بتلقين ابنه دروس
على الكلافسان الا انه نتيجة الفقر لم يستطع مواصلة تعليم
ابنه فارسلة لمخزن تجفيف اللحم ولكن القدر يبتسم للابن
روسينى عندما يعمل عازفا للفيولا باوركسترا مسرح فانو وهو
فى التاسعة من عمرة وكان هذا هو الاحتكاك الحقيقى بالاوبرا
لانه كان يحضر تمارين وتجارب الفرقة والاستماع للمغنيين الا
ان ايام فانو لم تدم طويلا لان الاب فيفازا ترك عمله ورجع
لمسقط راسه لوجا وترك مهمة تعليم ابنه لراهبين لتعليمة
الموسيقى النظرية واصول العزف على الكمان والتشيلو
والكلافسان وتعريفة باساتذة المدرسة الكلاسيكية الا ان الاب
بعثة ليتعلم الحدادة الا ان الحداد كان رجلا عاقلا وقال للاب
ان ابنه لا ينفع لمهنة الحدادة فاضطر لاخذة معه الى رافنا
عام 1804 ليساعدة فى عمله فى كنيسة المدينة واعجب
المشرفين بالكنيسة بالابن فوقعوا معه عقدا لعزف الكلافسان
وذلك بدعم الكونت كابى الذى الف له جواكينو اول اعماله
والتى تضمنت عدد 6 رباعيات وترية بمرافقة الكونترباص
مكتوبة باسلوب عفوى جميل وتعتبر اليوم من الاعمال النادرة
فى الموسيقى الكلاسيكية
الا ان والده قرر الذهاب الى بولونيا للبحث عن فرص افضل
واخذ معه ابنه ذو الثالثة عشر ليدرس عند الاب انجيلو تيسى
الذى وجه ناحية الموسيقى الدينية الجادة لمدة ثلاث سنوات
من عام 1804-1807 ثم توجهت انظار الصغير لمدرسة الاب ماتى
احد افضا اساتذة الكونتربوان فى عصرةالا انه تشاجر معه
وكان وقتها من ضمن طلاب الفيلونسيل لان روسينى كان دائما
يميل الى الدعابة والتسلية اكثر من الدراسة حتى ان الاب
قال له يوما انه عار مدرستة الا ان الاب اعترف فى النهاية
ان روسينى هو افضل تلامذتة موهبة الا ان روسينى لم يستطع
التخلص طوال حياتة من الدعابة والسخرية ودفع الثمن
غاليا فى بعض الاحيان الا انه عاش حياة مرحة ولم يسمح ان
يعكر صفو حياتة احد
انهى دراستة الموسيية فى عام 1810 فى بولونيا بعد ان منح
فى عام 1806 عضوية الاكاديمية الموسيقية فى بولونيا وهو
فى سن الرابعة عشر وكان روسينى قد الف قبل تخرجة من
المدرسة سيمفونية من مقام رى كبير وتنويعات للكلارينيت
والاوركسترا من مقام دو كبير وعدد من الاغانى
ذهب فى عام 1810 الى البندقية حيث قدم اوبراة الاولى
الكوميدية (زواج بالورديات) التى حققت نجاحا كبيرا ثم
يرجع ال بولونيا ليتعرف على المغنية المشهورة ماريا
مارتشولينى التى ساعدتة فى الحصول على عمل دائم بمسرح دل
كورسو ومسرح فيرارا ثم لاسكالا فى ميلانو وبدأت ايطاليا
تعرفه عندما قدم اوبراة (الخطأ السعيد) على مسارح
البندقية عام 1812 تقلد بعدهامنصب مدير مسرح سان موزية
اتفق بعدها على تقديم مسرحيتة (قورش فى بابل) على مسرح
فيرارا عام 1812 وفى العام ذاته قدم اوبرا (سلم الحرير)
وتوجه الى ميلانو بعد ذلك ليقدم اوبراه (حجر الاختبار)
التى لم تحقق اى نجاح ليعود مرة اخرى للبندقية ويقدم
اوبرا (السيدة الفرشاة) عام 1813 التى كانت مقدمة لاعماله
الرومانتيكية بعد ذلك الا ان طبيعته الساخرة لم تكن تتلائم
مع تلك الاعمال الا ان عمله القادم وهو(ايطالية فى
الجزائر) عام 1813 والذى قدم فى البندقية كعمل ميلودرامى
كان فاتحة شهرته فى ايطاليا كلها وبدأت العقود تنهال
عليه من كل ايطاليا فكان عمله التالى (اورليانو فى
بالميرا) لم تحقق نجاحا مما جعله يعود للاوبرا الكوميدية
فيؤلف اوبرا (تركى فى ايطاليا) عام 1814 ولكنه سقط عند
تقديمة ليعود مرة اخرى للبندقية ويقدم اوبرا
(سيجسموندو) 1814 ولم تحقق النجاح المرجو ليعلق استاذة
ماتى على ذلك بان روسينى افرغ كل ما فى جعبته
عندما عاد روسينى الى بولونيا كانت ايطاليا كلها تسعى
الى الاستقلال عن النمسا وتحمس روسينى لذلك فالف نشيد
الاستقلال ولكن بعد هزيمة الوطنيين وعودة النمساويين الى
بولونيا تم استدعاؤة للتحقيق الا ان التقرير النهائى
اشار الى انه (وطنى دون اهمية)!!
وبدأت تنهال عليه العروض والارباح الكبيرة نظر تاليف
اوبرات جديدة فقدم بنهاية عام 1825 عملين جديدين هما
اوبرا ( اليزابيث ملكة انجلترا) و (_ تورفالدو و
دورليسكا) وادى فشل العملين الى عودته مرة اخرى الى
الاوبرا كوميك وهذة المرة كان امام نص مسرحى لبومارشية
بعنوان ( حلاق اشبيلية) الذى كان مواطنه بيسييللو قدمها
من قبل فخاف ان يغضب زميلة الا ان روسينى اضطر ان يؤلف
اوبرا على النص ذاتة هربا من مقص الرقابة النمساوية
واعتذر لزميلة الذى اجابه برساله دبلوماسية والذى كان
يعرف ان مؤيدية سوف يفسدون العمل عند عرضة وفعلا فشل
العمل على الرغم ان روسينى اختار له عنوان اخر هو (
الحرص غير النافع ) وتم استقبال روسينى بالصفير ومنعوا
المغنيين من اداء عملهم لذك اتخذ روسينى قرار باسناد
القيادة لرجل اخر غيرة وكان القرار حكيما لان الاوبرا حققت
نجاحا كبيرا ونسى معارضوة استاذهم بيسييللو
وسرعان ماعاد روسينى لعنوان الاوبرا الاصلى وقدمها فى
مدينة بولونيا تحت عنوان (حلاق اشبيلية)
واشتهرت الاوبرا حتى انها عرضت فى فرنسا وبرشلونة
الف بعد ذلك اوبرا (عطيل) ولم تلاقى نجاحا لانها بعيدة عن
مزاجة المرح مع سبب اخر انها فقيرة النص على عكس اوبرا
(وليم تل) التى قدمها بعد 13 عام وكانت تمتاز بقوة نصها
على الرغم من انها من الاوبرات الجدية
كانت ايطاليا وقتها تميل للمسرح الكوميدى لذلك قام
بتأليف اويرا سندريلا عام 1817 حققت نجاحا لا بأس به
ويتلقى دعوة من الكاتب هنرى بييل بميلانو الذى الف كتابا
عنه فيما بعد فيقدم امامه واحدة من ابع اوبراتة وخصوصا
افتتاحيتها المشهورة (الطير السارق) وبختام هذة الاوبرا
تختتم ثمانى سنوات من النجاح والفشل ويتلقى من مسارح
اوروبا دعوات عديدة لعرض اعماله عليها
فى ذلك الوقت يلتقى بالمغنيةالجميلة المشهورة ايزابيل
كوبلران ويتزوجها بنهاية عام 1822 وكانت تملك ثروة هائلة
وعاشا سويا فى قصر فخم بجزيرة سيسل وخلال تلك الفترة الف
عدد 8 اوبرات اشهرها (موسى فى مصر) التى قدمت عام 1818
وكانت مشكلته خلال هذة الفترة تحقيق الوفاق بين زوجتة
وابوة فيفازا
ايزابيلا زوجة روسينى
فى عام 1822 استقبلته فيينا كواحد من كبار الموسيقيين
وهنا يتقابل مع بيتهوفن
ذهب اليه مع صديقة كاربانى وهو ايضا احد اصدقاء بيتهوفن
وعندما دخل عليه نظر اليه بيتهوفن وقال له
- اه....روسينى ..انت اذن مؤلف حلاق اشبيلية !!!
اهنئك على هذا العمل ...عمل هذلى رائع ...لاتجرب ان تؤلف
غير الاوبرا الهزلية ولاتبحث عن النجاح فى نوع اخر من
التأليف الاوبرا الجدية ليست للايطاليين ....اكتب كثيرا من
نوعية هذا الحلاق!!وعندما التقى مساء على العشاء بمترنيخ
وصفوة اهل فيينا طلب منهم الاهتمام ببيتهوفن والتبرع له
بالمال ليحى حياة كريمة ولكنهم افهموة انه يرفض كل ذلك
ويعيش فى عالمه الخاص ...وغادر فيينا دون ان يفهم تلك
الطبيعة الجرمانيةالقاسية فلو كان بيتهوفن ايطاليا لبنى
له الايطاليون منزلا من ذهب
سافر بعد ذلك الى فرنسا وانجلترا فى جوله استمرت 8 شهور
واستقبلة الملك جورج الرابع الذى كان يقدس الموسيقى وعاد
من انجلترا ثريا فقد انعم عليه الملك بثروة طائلة
تلقى بعدها دعوة لتعيينه مديرا لدار الاوبرا الايطالية
بباريس التى افتتحها نابليون عام 1801 وقبل فورا المنصب
ولكنه لم يثبت اى جدارة بمنصبه لان طبيعتة الساخرة وعدم
المامة بالشئون الادارية انعكست سلبا على دار الاوبرا مما
اضطر لتقديم استقالتة عام 1826 ويقدم اوبرا ثانية بعنوان
(موسى وفرعون) فى وقت وفاة امه التى كان يحبها مما ادى
لتأجيل تقديم العمل وهى الاوبرا رقم 37 من اوبراته كما
قدم اوبراتة و(وليم تل) و (الكونت اروى) عام 1828 التى
تعتبر واحدة من افضل اعماله الدرامية والتى ادى سقوطها
الى اقلاعة عن التأليف على الرغم ان عمرة وقتها لم يزيد
عن سبعة وثلاثين سنة على الرغم ان اوبرا وليم تل اعتبرت
واحدة من افضل الاوبرات الرومانتيكية فى تاريخ المسرح
الغنائى الايطالى
كتب روسينى قائلا لفاجنر عن سبب اقلاع عن التأليف....انه
بعد 15 سنه من التأليف وكتابة نحو اربعين اوبرا اردت ان
اتمتع بشىء من الهدوء
استسلم بعد ذلك روسينى لى الكسل ولم يؤلف خلال 38 عاما
كانت باقية من حياته سوى اعمال متفرقة وقليلة وكن بعضها
مثا (ستابات ماتر) وهو قداس بدأ بتأليفه عام 1832 وعاد
للعمل فيه بعد وفاة والدة عام 1839 وكذاك قداس احتفالى
صغير اتمه عام 1864 لاربع اصوات والتى بيانو هى من اكبر
الاعمال فى تاريخ الموسيقى وقد نمت ثروتة فاشترى فيلا
ببولونيا واخرى بباريس تخلى عنها لزوجتة عندما انفصلت
عنه ولكنه تعرف على الباريسية اوليمبيا يلزيير وتزوجها
عام 1846 ولم يعكر صفو حياته سوى وفاة والدة التى تركت
عليه تأثير سىء رغم طبيعته المرحة وكان دائما يتذكر
سنوات حياتة الاولى عندما كان فقيرا ولكنه كان سعيدا
ولكنه كان وفيا بوالدية ويرسل اليهم المال
من الجوانب الاخرى فى حياة روسينى انه كان يحب الطعام
واغلى انواع المأكولات وكان يعقد فى منزلة الولائم وكان
يتسلى باعداد الطعام بنفسة ويطلق على الاطعمة اسماء مثل (
طبق روسينى باللحمة) و (طبق روسينى بالزيتون) وبلغ وزنة
حدا كبيرا وقد زارة بفيلته مشاهير الموسيققن امثال ليست -
برليوز-ميربير-بيللينى-شيروبينى-دونزيتى-فاجنر وكان
روسينى مع اصدقائة الموسيقيين يستمعون لعزف ليست
يتردد على ايطاليا كلما سنحت له الفرصةوزار المانيا
والتقى بمندلسون وكان روسينى يعشق موسيقى باخ وكان يقول
عنه انه معجزة الله وعاش حتى وافته المنية عام 1868 نتيجة
عسر هضم سبب له الام عنيفة ادت لوفاتة ودفن فى فرنسا الا
انه بناء على طلب ايطاليا نقل رفاته الى فلورنسا عام 1887