الموسيقار الاسبانى اسحاق البنيز 1860-1909
ولد البنيز فى 20 مايو سنة 1860 فى مدينة طرطوسة فى
اقليم كاتالونيا شمال اسبانيا ويروى انه عند ولادته كان
لايكف عن الصراخ فى عصبية فما كان من والده الا ان طواه
تحت معطفة وطاف به القرى المجاورة واستمر الطفل فى صراخة
حتى كاد الرجل يفقد اعصابه فصار يركض تحت المطر الغزير
والد البنيز فى صورة نادرة
فى ظلام الليل حت هدأ الطفل تنتقل العائلة الى برشلونة
عاصمة الاقليم ويظهر على الطفل حاسة موسيقية واستعداد
مثير لحفظ النغم وهو فى الثانية من عمره فتنبهت الام لذلك
فبدأت تضع اصابعه على البيانو فينبهر الطفل ويصغى للرنين
بشغف وينفعل لسماع النغم الذى ينبعث من اصابعة ...وهكذا
بدأت حياة البنيز الفنية
تولى امره بعد ذلك استاذ كبير فى معهد برشلونة الموسيقى
حتى الرابعه من عمرة ورأى الاستاذ ان يهيىء له حفلة
موسيقية خصيصا له فاظهر مهارة فائقة اذهلت الجمهور الذى
اعتقد ان فى الامر خدعة الا انه ادى تلك الالحان ارتجالا
فأذعن المستمعون واعترفوا انهم ولاشك امام معجزة.
وهناتنبه والده الى هذة الثروة الموسيقية وكان ضئيل
الدخلفأخذ يخضع ابنه لتمرينات موسيقية اجباريةعلى
البيانوقدتدوم ساعات النهار متغافلا ضرورة تعليمة الكتابه
والقراءة
الا انه لم يصل الى الثامنة من عمرة وهو يقرأ كأى طفل
اسبانى ممن تعلموا فى المدارس فقد كان البنيز عصاميا فى
كل شىء علم نفسة بنفسة وكان يتقن عدة لغات كالانجليزية
والفرنسية والايطالية وشىء من الالمانية تشهد بذلك
رسائله !!! ولما بلغ البنيز السادسة اخذته امه الى باريس
بيانو البنيز وصورة لاسرته
ليدرس على يد استاذ من اكبر معلمى البيانو فى هذا الوقت
ونظرا لتفوقة فاعده ليدخل اختبار القبول بالكونسرفتوار
والمعروف انه اختبار صعب وتقدم الطفل واعترف الممتحنون
بموهبته وعزف اصعب التمرينات واعقدها واجمعوا انه سوف
يكون له شأن عظيم عندما يكبر وفى هذة اللحظة الحرجة يسحب
الطفل كرة من جيبة ويرشق بها لوح الزجاج الكبير ليتطاير
اجزاؤة فى دوى عنيف فوجئت به لجنة التحكيم فقررت فجأة
ارجاء دخولة لمدة سنتين حتى يصل للسن القانونية ومن عرف
البنيز فى شيخوخته وعرف منه هذة النادرة التى اوضحت
طباعة التى لم تتغير وميله للمرح والدعابه التى كان
يعدها فجأة لاصدقاؤة على غرة منهم فتثير فيهم السرور
والضحك والتى لازمته حتى اواخر حياته طاف به والده بعد
ذلك ارجاء البلاد لعرض مواهبه فى سلسلة حفلات موسيقية
متواصلة فخورا بنجاح ابنه الباهر معجزة زمانه وسعيدا
بالمكسب الوافر فبدأ يشعر الطفل باستغلال والده له وتمنى
التحرر من هذا القيد. وعقب حوادث الثورة الاسبانية سنه
1868 نزحت عائلة البنيز الى مدريد العاصمة وقبل فى
المعهد الموسيقى وكان عمرة وقتها 8 سنوات فاستقر وكان قد
عرف القراءة وتعلق بها واكتشف خوليو فيرنية الكاتب
الاسبانى الشهير وتعلق بكتاباته وربى فيه حب المغامرة
والاسفار البعيدة وحب المخاطرة التى كانت غريزة لدى
البنيز فدفعه ذلك الى ان يفر من اهله وهو فى التاسعة وفى
المحطة وبدون تذكرة يتسلق قطارا فيعثر عليه حاكم الاسكوريال
قريبا من مدريد وينزل به فى اول محطة ويرجعة الى اهله الا
انه فى اول محطة اخرى يأخذ قطارا ذاهب فى اتجاة عكسى
مكافحا فى عدة مدن ويحيى عدة حفلات موسيقية ويقز من اقليم
الى اقليم ثم يتذكر عائلته فجأة فيقرر الهاب اليهم
والعودة فخورا بما ناله من نجاح ومال وفير فطمع فيه
الكثيرون فاغاروا عليه ليلا وهو فى طريقة الى المحطة ولم
يتركوا له سوى مذكراته فقرر عدم العودة لاهاه خالى
اليدين ومضى ثانية من مدينة لاخرى واشتهر باسم النينو
البنيز واثنت عليه الصحافة فى كل مكان ولكنه فوجىء
بعائلته قد لحقت به بحثا عنه فتركته وشجعته وتحت نداء
الامومة رجع الى مدريد فترة متحمسا لتكملة دراسته بالمعهد
الموسيقى فيفوز بالجائزة الاولى وبدأ يشتهر لدى صفوة
القوم بمدريد ويقدم حفلات لهم ومع ذلك استيقظ لديه شيطان
المغامرة وعند الثانية عشرة نزح الى الاندلس ولقى فيها
ترحابا اينما ذهب واجتذبته مالقة وغرناطة وهنا اظهر
مهارة فى ارتجال النغم وفى ذات يوم وهو فى قادس اقصى طرف
فى شبه الجزيرة الاسبانية على المحيط الاطلنطى علم بوجودة
محافظ المدينة وهددة انه ان لم يعود لاهلة فسوف يقبض عليه
فذعر الصبى وهام على وجهة ورأى البواخر تتحرك فى ميناء
المدينة حيث لايدرك ولم يدر الا وهو فى عرض البحر وقد
انزلق داخل سفينة اسبانية متجهة الى امريكا اللاتينية لكن
ينكشف امره ويعرفوه انه النينو البنيز واجمعوا ان يحموه
حتى يبتوا فى امرة فقدم لهم سلوى لامسياتم الطويلة ودبروا
له بعض النقود وتلتزم السفينة بمقتضى القانون ان تتركه
فى اول ميناء يصادفها وكان بوينس ايريس بالارجنتين ويقاسى
فى ايامه الاولى هناك باحثا عن عمل ويلعب الحظ دورة بان
يقوم احد اصحاب المقاهى بتنظيم حفلات له عبر مدن الارجنتين
الى البرازيل حتى فنزويلا كعازف للبيانو ثم يتجه الى
بورتريكو يكمل فيها شهرته ثم سنتياجو فى اقصى جزيرة كوبا
الا ان البوليس يقبض عليه بأمر والده الذى علم من
الصحافة بوجودة هناك ثم يتم ترحيله الى هافانا غير ان
والده يعفوا عنه فيتجه البنيز الى الولايات المتحدة وينفق
فى نيويورك كل ما ادخرة من نقود فاضطر ان يعزف الموسيقى
فى الحانات وكانت ايم صعبة عليه ولكنها لم تؤثر على
روحة المتفائلة فيذهب الى كاليفورنيا حيث الجاليات
الاسبانية المستوطنين هناك فهيئوا له سبل النجاح فكان ذلك
عوضا له عن فترة نيويورك ثم يقرر الذهاب الى اوروبا مارا
بانجلترا حيث رحب به جمهور لندن وليفربول م يتجه الى
المانيا وينتسب لمعهد ليبزج ليكمل دراساته الاكاديمية
ولكن كان وطنه ينادية ويضع حد لهذا التشرد فيسعى اهل
وطنه ان يقدموة لسكرتير ملك اسبانيا الفونسو الثانى
الكونت دى مورفى الذى عرف بحبه للموسيقى فاكتشف موهبته
فمنحه الملك الفرصة الذهبية للالتحاق بالمعهد الموسقى
ببلجيكا مجانا كمنحة ملكية فيدرس العلوم الموسيقية الا
انه يبحر ثانية الى الولايات المتحدة فى صحبة فرقة
موسيقية وكانت رحلة مخيبة للامال فاسرع بالعودة وحده الى
بروكسل والتحق ثانية بمعهدهاواذا بالشاب ذو الحادية عشرة
يتمرد ويتعرف على اولاد السوء وعلم سفير اسبانيا هناك
بذلك فقرر ان ينقذ الموهبة محذرا اياة انه سوف يعيدة الى
اهله ان لم يلتزم ولم يتبقى على الامتحان سوى شهر فيقرر
البنيز مراجعة ما فات فاذا به يفوز بالجائزة الاولى ويمنح
سلسلة حفلات فى ارجاء وطنه اسبانيا يلف مدنها واحدة تلو
الاخرى ويحق الربح الوفير ثم يلحق بفرانز ليست عام 1878
فى بودابست بالمجر يتعلم منه فى جولة فنية شملت المانيا
الشرقية ايضا ثم روما لم يبخل الاستاذ فيه على تلميذة
بالنصح والتوجيهات التى اكسبته خبرة كبيرة
وربما ايضا اكسبه لقاءه بليست بعض المشاعر الدينية دعته
ان يفكر فى التصوف حتى انه عاش لمدة اسبوع فى عزلة كاملة
وتقشف وزهد يمضى الساعات فى العزف على الارغن فى دير كنسى
والتعبد الا انه فجأة يبحر فى اتجاه امريكا وكان فى
العشرين من عمره وقد نسى الدير الذى كان يعزف فيه ومن
فيه حيث تملكته روح المغامرة مرة اخرى فى جولة فنية ثم
ما يلبث ان يعود الى اسبانيا مرة اخرى يدير فرقة مسرحية
تعزف الزرزويلا طاف معها من شاطبه على البحر المتوسط
متجها جنوبا نحو الاندلس لم يصادفها النجاح فاضطر ان يقوم
بالعزف بنفسه على البيانو لانقاذ موقف الفرقة متبرعا
بريعها لافراد الفرقة ثم يعود الى برشلونة ويقدم لجمهورة
الكثير من مؤلفاتهالتى يعكف عليها فى اوقات فراغة بلغ
عددها حوالى 250 قطعة ضاع اغلبها ورغم تمتعة بالشهرة لم
يجد غضاضة فى ان يستفيد من بدريل فى اصول التأليف وسعة
علمه وتمضى الايام ويتزوج البنيز عام 1883 من عازفة بيانو
تلميذة له من عئلة فرنسية نصف اسبانية من سكان جبال
البرانس فى منطقة الباسك واضعا حد لحياة القلق والضياع
ويستقر فى برشلونة ويتحول من بوهيمى الى زوج مثالى الا ان
اقدامة فى استثمار امواله بالبورصة يجعله يخسر كل شىء
فينزح هو و عائلته الى مدريد ملتجأ الى المكسب السريع عن
طريق اعطاء دروس فى البيانو وقد انجب ثلاثة ابناء
وتتعاقد معه شركة فرنسية لاقامة عدة حفلات فى باريس ولندن
حتى اسكتلندا ومنها الى هولندا والمانيا وتدوم هذة
الحياة لمدة عشر سنوات لم تقنعه ولم ترضى طموحة كعازف
بيانو وقرر فى عام 1893 ان يتجه للتأليف والتدريس وقد
تتلمذ على يدية الكثير من عازفى البيانو من مختلف مدن
اسبانيا حتى انه كان فى هذة الفترة لايقل شهرة عن
بادريفسكى و روبنشتين كعازفى بيانو مهرةوكان قد الف فى
هذة الفترة مايقرب من خمسين قطعة للبيانو وبعضها
بالاوركسترا الكامل الا انه لم يبال بالاحتفاظ بعا فتبعثر
منها الكثير اثناء تغربه فى البلاد واتصاله باعضاء مدرسة
داندى (اسكولا كانتاروم) ليدرس التأليف على يد اساتذتها
كذلك اخذت منه لندن جزء من حياته الموسيقية الا ان الاقامة
فى باريس طابت له فاستقر فيها نهائيا حيث عاش بقية
حياته هناك اى حوالى سته عشر سنه ويتطور اسلوبة مكتسبا
خبرة الايام فانعكس ذلك على مؤلفاته وبدأ فى تأليف
الثلاثية الدرامية من تاريخ الملك ارتور والتى لم يظهر
منها الا مقطع مارلين ثم قصيدة سيمفونية هة كاتالونيا
مسقط رأسه واعمال عديدة اختتمها بالعمل العبقرى ايبريا
واثناء ذلك صدم بوفاة ابنته الكبرى فى ريعان شبابها
البنيز يعزف وابنته تستمع اليه
وكانت متزوجة جديثا من موسيقى معروف وبالرغم من حزن
البنيز العميق الا انه لم يتخلى او يود اصدقائة او
مساعدتهم فقد كان دائما متفائلا حتى فى احلك ايام حياته
وكانت حياته كفاح مستمر ولم يعرف اليأس يوما كما انه لم
يبعد عن بلده اسبانيا فكان ن دائما يتردد عليها وينظم
الحفلات بها ثم نراه فى برشلونة وقد اعد مشروع لاحياء
اوبرات كاتالونية كان البنيز انها ثروة قومية الا انه
حورب من المعارضين له فى اسبانيا وكان شعارهم ان الفن
والمسرح لايتفقان وعاد اللى باريس خائب الامل فاستمرت
اسبانيا تتذوق اوبرات فيردى ومعاصرية الايطاليين فى حين
اوروبا تستمع وتمجد البنيز الا ان ملك اسبانيا يفاجأ
الجميع اثناء عرض ببيبتا خمنيز ببلجيكا ويمنحة وسام ملك
اسبانيا له ولقائد الاوركسترا وفى ذلك اعتراف بفضلة هو
وبدريل فى النهضة الموسيقية لاسبانيا ويكرم من اصدقائة
عند رجوعة الى باريس الا ان صحته بدات فى الانهاك وتدهورت
فنقل الى مدريد لمدة سنتين وظهرت عليه علامات النقاهة
ولكنه لم يعاف تماما فيعاودة الحنين الى فرنسا فينصح
للذهاب الى نيس جنوب فرنسا لمناخها الممتاز فلم يكف عن
الكتابة الموسيقية ويكمل الكراسة الرابعة من ايبريا ثم
ياتى خريف 1908 وهو على سرير المرض فكان اصدقائة يزورونه
دائما ديبوسى -فوريه -داندى- لالو واقترحوا ان تمنحة
" border="0" alt=""/>
البنيز وفوريه
الدولة الفرنسية وسام الشرف من درجة فارس الا ان القدر
لم يمهلة فتوفى فى 18 مايو 1909 فى حوالى التاسعة
والاربعين فكرمته صحافى العالم وفرنسا واسبانيا ولما وصل
جثمانه الى محطة برشلونة استقبلها اهل كاتالونيا
استقبال مهيب وعزفت الموسيقى تحت العلم الاسبانى