[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ويتكون الباليه الذى الف عام 1913 من جزئيين هما
Part 1: Adoration of the Earth (L'adoration de la terre)
1.Introduction
2.The Augurs of Spring, Dances of the Young Girls (Les
augures printaniers, Danses des adolescentes)
3.Mock Abduction (Jeu du rapt)
4.Spring Round Dances (Rondes printanières)
5.Ritual of the Rival Tribes (Jeu des cités rivales)
6.Procession of the Sage (Cortège du sage)
7.Adoration of the Earth: The Sage (Le sage)
8.Dance of the Earth (Danse de la terre)
Part 2: The Sacrifice (Le sacrifice)
1.Introduction
2.Mystic Circles of the Young Girls (Cercles mystérieux des
adolescentes)
3.Glorification of the Chosen One (Glorification de L'Élue)
4.Evocation of the Ancestors (Évocation des ancêtres)
5.Ritual of the Ancestors (Action rituelle des ancêtres)
6.Sacrificial Dance: The Chosen One (Danse sacrale: L'Élue
تذكر الدكتورة سمحه الخولى فى كتابها الموسيقى القومية فى القرن العشرين
كان اختيار دياجيليف لفكرة باليه روسي عن الطقوس القديمة لتكريس
الربيع نابعا عن فهمه العميق لاتجاهات الفنون الأوروبية حينذاك فقد
اكتشفت أوروبا عوالم فنية غريبة وبعيدة ( Exotic ) عنها في الشعوب البدائية
وفنونها وفي الرسوم اليابانية وفي الفنون الصينية بل في ا لموسيقا
الروسية وانعكس الاهتمام بهذه العوالم الغريبة بصور مختلفة على
فنون أوروبا لعل أبرزها أسلوب التكعيبي فى الفنانيين الجدد مثل بيكاسو وبراك
وغيرهما وانعكس على ا لموسيقا في اتجاه سمى بالحوشية
البدائية Barbarism وهو أسلوب للتنافر الشديد وللإيقاعات غير
ا لمنطقية المتوترة وللأصوات الطرقية العنيفة وهو النقيض لكل ما
هو رومانسي أو تأثيري ولكنه اندثر بعد قليل.
وهكذا جاء باليه »طقوس الربيع «استغلالا فنيا بارعا لهذا التيار ومحور
فكرته الطقوس ا لمرتبطة بتقد يم ضحية بشرية للأرض في الربيع استجلابا
للخصب وهي في حد ذاتها فكرة مطروقة في التقاليد الشعبية في حضارات
مختلفة وتناظرها في مصر عروس النيل التي تضحي للنيل ليفيض ماؤه.
والاسم الكامل للباليه هو طقوس الربيع: صور من روسيا الوثنية في
فصلين وقد اختار له دياجيليف مجموعة أخرى فتصميم الرقص قام به
نيجنسكي وا لمناظر وا لملابس صممها روريش Roerisch (بالطابع الحوشي
الذي اشتهر به) وكتب سترافنسكي متتابعة أوركسترالية مأخوذة عنه قاد
عزفها الأول بباريس بمدينة مونتو Monteux سنة ١٩١٤ وا لموسيقا مكتوبة
لأوركسترا بالغ الضخامة
كثفت فيه النحاسيات والخشبيات وآلات الإيقاع (وهو أكبر أوركسترا كتب
له هذا ا لمؤلف طوال حياته).
عندما ارتفع الستار في ٢٩ مايو سنة ١٩١٣ عن العرض الأول لباليه
طقوس الربيع «فوجئ الجمهور بالراقصين يدخلون إلى مسرح معتم بملابس
جرداء وبدأت ا لموسيقا فإذا بالأوركسترا يصدر أصواتا غريبة أشبه
بحفيف الزواحف في غابة سحيقة بألوان صوتية أشد قتاما من ا لمناظر
وا لملابس.
وعبثا حاول الجمهور الإمساك بطرف أي خط لحني وتزايد توتر
ا لموسيقا بإيقاعات لم يسمع الحاضرون مثلها من قبل وانتقل التوتر ا لمسموع
وا لمرئي للجمهور فإذا به ينفعل في تهيج ضد هذه ا لموسيقا التي تلفح
النفس كشمس حارقة وتعالت صيحات الاستنكار فأغرقت صوت
الأوركسترا وصوت القلة ا لمتعاطفة التي انبهرت في ا لموسيقا من جرأة
وطرافة! بينما أخذ نيجنسكي يصرخ من الكواليس في محاولة يائسة
لتوصيل العد الإيقاعي للراقصين وعندما ازداد هياج الجمهور وانقسامه
حتى وصل للتشابك بالأيدي أخيرا انفرط عقد العرض وتوقف وهرب
سترافنسكي من باب خلفي وأسدل الستار على العرض الأول لأشهر
عمل فني في القرن العشرين!
ونستطيع أن ندرك عمق الهوة بالرأي إذا علمنا أن ديبوسي كان
على رأس ا لمعجبين بهذه ا لموسيقا الرائعة وان جان كوكتو أطلق عليها ريفية
Pastorale روسيا القد يمة وفي غمرة هذه الآراء ا لمتناقضة كان على النقاد
والجمهور: إما أن يرفضوا هذه ا لموسيقا كلية ويعتبروها استعراضا شاذا
من شاب غير سوى أو أن يتقبلوها على أنها تغيير ثوري خطير في موسيقا
القرن العشرين. وقد اختار النقاد والجمهور الحل الثاني فلم مضى أعوام
طويلة حتى أصبحت موسيقا طقوس الربيع من كلاسيكيات القرن التي
تركت آثارا عميقة في كثير ا كتب فيه من موسيقا وأصبح عزفها فخرا
للقائد ولأوركستراه!
ولكن ما الذي أثار انفعال الجمهور في العرض الأول أهي ا لوسيقا أم
الرقص أم الإطار التشكيلي للباليه ولكي نجيب على هذا السؤال فلابد لنا
من تتبع أحداث الباليه ولا نقول القصة فهي ليست قصة با لمعنى الحقيقي:
كان أول ما صدم الجمهور أن الربيع هنا قد تجرد عن كل ا لمعاني
الجميلة التي ارتبطت به في الأذهان فهو ربيع قاس عنيف تفتح
الحياة من خلال قسوة ا لموت والفصل الأول عبادة الأرض Adoration de la
Terre يقدم احتفالات الشباب وألعابهم لاستقبال الربيع وتقد م فروض
التبجيل للأرض و للحكيم الذي يذكرهم بالطقوس القد يمة للربيع والفصل الثاني:
الضحية تنتخب فيه شابة هي الفتاة اﻟﻤﺨتارة قربانا للأرض ولآلهة الربيع
وفيه يستحضرون الأجداد ليكرسوا طقس التضحية الذي ترقص فيه
الضحية حتى ا لموت. ويبدأ الفصل الأول: مقدمة تليها رقصة الشبان
والفتيات ثم رقصة الاختطاف ورقصات ا لمراهقين وألعاب القبائل
ا لمتنافسة ثم موكب دخول الحكيم ويختتم هذا الفصل برقصة طقسية
مثيرة هي رقصة عبادة الأرض
أما الفصل الثاني The Sacrifice فيبدأ كذلك بمقدمة تليها حلقة ا لمراهقين ثم
الفتاة اﻟﻤﺨتارة ورقصة جيدة
الفتاة اﻟﻤﺨتارة والتي تبدأ فيها رقصها العنيف واستحضار الأجداد الذين
يحيطون بالضحية ويلتقطونها عندما تسقط صريعة.
ويبدأ الفصل الأول: مقدمة بليغة الإيحاء بجو غابة سحيقة فتستهلها
آلة الفاجوط (أخفض ألآلات الخشبية) بلحن ضيق النطاق تعزفه في
أعلى طبقاتها وتتناوله آلات النفخ الخشبية ولكن بتغييرات طفيفة في
مواضع الضغط وتقاطعه من آن لآخر أصوات نائحة غريبة في نسيج
موسيقي متناقر راكد الحركة ( static ) حتى يكاد ا لمستمع أن يفقد الإحساس
بمسار ا لموسيقا ويعود لحن الفاجوط ليقود إلى رقصة ا لمراهقات
فالآلات الوترية هنا تعزف تآلفات خشنة وكأنها دقات طبول وأجراس
بدائية تتكرر ولكن بتغييرات في الضغوط الإيقاعية تضفي على ا لموسيقا
ظلالا مثيرة وتجسمها صيحات غير متوقعة من ثمانية آلات كورنو
ومن آن لآخر تطل شذرات ألحان شعبية روسية من ثنايا هذا النسيج
اللاهث الذي تجرد اما من كل شعور بالرتابة الإيقاعية (رغم أن
إيقاعه مكتوب في مازورات منتظمة ظاهريا)
ويبدو أن هذه الإيقاعات المحيرة والشذرات اللحنية ا لمقترة وتلك الألوان
الأوركسترالية الغريبة لهذه الرقصة هي ا لمسئولة عن الانفعال ا لمتهيج في
العرض الأول ومع ذلك أصبحت هذه الرقصة نفسها من كلاسيكيات
ا لموسيقا الأوركسترالية ا لمعاصرة. وفى رقصة الاختطاف تبلغ ا لموسيقا
قمة جموحها الإيقاعي حيث تتداخل الإيقاعات اﻟﻤﺨتلفة وتتغير ا لموازين
تغييرات متلاحقة عجيبة وتأتى بعدها رقصات الربيع الدائرية Spring
Rounds بجوها الهاد ى بتلوينها الأكثر صفاء وخاصة في لحن الفلوت
البسيط الذي يسمح بمصاحبة الوتريات (وهنا يستخدم ا لمؤلف كتابة
هيتيروفونية Heterophonic أي اصطحاب اللحن بنغمات غير متوافقة
هارمونيا وغير متزامنة كما اتبع في ا لموسيقات البدائية) ويسند ا لمؤلف لحن
الفلوت الرقيق إلى فلوت آلطو ومعه كلارينيت حاد الطبقة وتختفي
الضغوط الإيقاعية ا لقلقة ويسود نبض إيقاعي شديد الانتظام لا يخفف
من وطأته إلا إسقاط بعض النبرات من آن لآخر.
و تمضى ا لموسيقا في تناوب محسوب بين العنف الإيقاعي والهدوء
البدائي إلى أن تبلغ قمتها في رقصة الأرض التي تختتم الفصل الأول
بعد الفقرة ا لمثيرة تواكب دخول الحكيم وهنا تزداد ا لموسيقا كثافة وتتزايد
سرعتها في رقص طقسي وحشي يزيده التلوين الأوركسترالي الزاعق تأثيرا
ويضيف إليه لحن الباص ا لمتكرر أو الأوستيناتو Ostinato توترا ثم يتوقف
سيل ا لموسيقا عند النهاية بشكل مفاجئ وقاطع
ويبدأ الفصل الثاني قدمة قا ة ساكنة سكون ليل الغابة ا لموحش
وتبرز فيها شذرات أحد الألحان البسيطة التي ادخلها ا لمؤلف في الباليه
وهو هنا مغلف بهارمونيات خشنة تكاد تختفى
وإذا كان سترافنسكي قد حشد كل هذه الطاقات الإيقاعية والهارمونية
وأفانين الأوستيناتو (التي تضيف للطابع البدائي بجانب وظيفتها الهارمونية)
من قبل فلنا أن نتخيل القمة الصارخة في رقصة جيد الفتاة اﻟﻤﺨتارة التي
تبلغ فيها ا لموسيقا أوج التهيج الطقسي مع ضربات طبول عنيفة يقوم معها
الراقصون بحركات متشنجة ملوح بأذرعهم للسماء! وتبدأ الضحية رقصها
ا لمثير على موسيقا مركبة الإيقاعات تتزايد سرعة وصخبا وفى رقصة
استحضار الأجداد توحي ا لموسيقا بجو عتيق ويقبل الأجداد من خلف
أشجار الغابة مكونين حلقة حول الضحية وعندما يبلغ رقصها ا لميت
منتهاه وتسقط صريعة يتلقفونها ويرفعون جسدها نحو السماء قربانا
للربيع.
وأهم ما حققه سترافنسكي في هذا الباليه وفى بتروشكا يتجلى في
الإيقاع الذي تحول بين يديه إلى قوة تعبيرية مذهلة فالإيقاع عنده مغاير
كلية للنبض الإيقاعي ا لمتكرر في انتظام والذي ساد ا لموسيقا الأوروبية
طوال عصورها السابقة فهو قد طور الأساس الإيقاعي جوهريا باستخدام
ا لموازين ا لمتغيرة و البولير ية والسنكوب (قلقلة الضغوط) وغيرها
بحيث أصبح الإيقاع عنده من أوقع وسائل التعبير وتجسم هارمونياته
الخشنة هذا الشعور بالتدفق الإيقاعي ا لمتغير.
أما الألحان فهي ليست ألحانا حقيقية مكتملة الاستدارة بل مجرد
شذرات أو ومضات قصيرة مستمدة من ا لموسيقا الروسية الشعبية وهو
يكاد يخفيها عَمْدا بين طيات النسيج ا لموسيقى إذ غالبا ما يضمنها في
خط الباص ا لمتكرر أو الأوستيناتو والذي أصبح من الخصائص ا لمميزة
لأسلوبه بصفة عامة.
من هذا كله نستطيع أن نستخلص العوامل النفسية وا لموسيقية والتشكيلية
التي صدمت جمهور مشاهدي العرض الأول للباليه وخلقت ذلك الشعور
العدواني لدى الرافض لهذا العمل الفني الجريء! وتقبل الجمهور غياب
العواطف من هذه ا لموسيقا. وتعود على ذلك الأسلوب
العقلاني الخشن وهى صفات مميزة لفنون القرن العشرين عامةوبدأ
الجمهور يدرك روعة الابتكار وبلاغة التعبير ا لموسيقى الجديد في موسيقا
سترافنسكي عامة وطقوس الربيع بالذات والتي أصبحت من الأمجاد
الفنية لهذا القرن وهى اليوم تعيش حياة زاخرة في قاعات ا لموسيقا كعمل
أوركسترالي فذ كما تعيش على مسارح الباليه في أنحاء العالم!
شاهد الباليه كاملا من هنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]